5.8 تريليون دولار إيرادات السياحة العالمية المتوقع فى 2024
1.5 مليار سائح العدد المتوقع عالميا فى 2024 بمعدل نمو سنوى 17.23 %
100 مليون سائح عدد السياح الذين يزورون فرنسا
البنية التحتية والسياحية وجهان للنمو الاقتصادى
2024 صيف ساخن مع تنامى الحركات الأوروبية المناهضة للسياحة
إعداد : شريفة عبد الرحيم
تعتبر النظرة العامة للسياحة فى عام 2024 ايجابية للغاية عبر المقاييس المتوقعة، فمن المتوقع أن يصل عدد السياح الدوليين إلى 1.5 مليار، الذى يمثل نموا بنسبة 17.23 % مقارنة بتقديرات عام 2023، وستؤدى تلك الزيادة إلى تجاوز مستويات ما قبل الوباء.
لكن ما يثير الانتباه هذه الأيام، أنه على الرغم من المكاسب الاقتصادية للسياحة التى تدفع الحكومات على التهافت لاستقطاب أكبر عدد، فإن تدفق السائحين الأجانب بات صداعا فى رأس بعض الدول، بسبب الاستياء الشعبى، مثل ما تشهده فرنسا من مظاهرات احتجاجية، وهى التى تستعد لاستقبال الملايين لحضور دورة الألعاب الأولمبية.
الأمر يثير تساؤلات حول فرص دول الشرق الأوسط، مثل مصر وتركيا فى الاستفادة من تلك الموجة المناهضة للسياحة الدولية.
تساهم السياحة بشكل كبير فى النمو الاقتصادى من خلال توليد الدخل وفرص العمل، فهى تمثل نحو 10 % من الناتج المحلى الإجمالى العالمى وتوظف واحدا من كل عشرة أشخاص فى جميع أنحاء العالم.
وبحسب الإحصاءات الرسمية، أكبر الدول السياحية فى العالم للعام الحالى هى: الولايات المتحدة وإسبانيا واليابان وفرنسا وأستراليا وألمانيا والمملكة المتحدة والصين وإيطاليا وسويسرا، بما يعكس الواقع بأن الاقتصادات ذات الدخل المرتفع لا تزال تتمتع عموما بظروف أكثر ملاءمة لجذب السائحين.
ويشير الخبراء إلى أهمية البنية التحتية باعتبار دورها فى تعزيز الإنفاق السياحى، فوفقا لتوقعات السفر التى أصدرتها جمعية السفر الأمريكية، قبل الوباء، أنفق السياح الأجانب 180 مليار دولار فى الولايات المتحدة فى عام 2019، بما أدى إلى توليد ما يقرب من 2 تريليون دولار من الناتج الاقتصادى.
أما فرنسا -أكبر دولة سياحية فى العالم، التى استقبلت 90 مليون زائر فى عام 2019 مقارنة بـ 79.4 مليون فى الولايات المتحدة- حققت ما يقرب من 61 مليار دولار -56 مليار يورو- من عائدات السياحة الدولية فى ذلك العام، وفى حين انخفضت السياحة الدولية بسبب الوباء، تتوقع وكالة السفر الأمريكية التعافى الكامل بحلول عام 2025.
ويبدو أن مساهمة قطاع السياحة فى الناتج المحلى الاجمالى العالمى ستسجل ارتفاعا كبيرا فى عام 2024، بناء على حصــــــتها البالغة 10.6 % فى عام 2023. ويعكس ذلك النمو التعافى الاقتصادى الكامل للقطاع. ويتوقع البعض نمو إيرادات السياحة بنسبة تصل إلى 139.6 % على أساس سنوى، لتبلغ 5.8 تريليون دولار على مستوى العالم.
ومع ذلك، من المتوقع أن يصل الإنفاق السياحى العالمى إلى 2 تريليون دولار فى عام 2024.وبعد فترة طويلة، من المتوقع أن تزيد رحلات السفر الدولية عن مستويات ما قبل الوباء. وسوف يصل سوق السياحة بشكل عام إلى مستوى جديد، فمن المتوقع أن يصل سوق السفر والسياحة إلى 927.30 مليار دولار فى عام 2024 الذى يعد مستوى قياسيا مقارنة بإحصائيات السياحة العالمية فى العام السابق.
وينطوى ذلك النمو العالمى أيضا على أداء قوى فى أسواق السياحة الرئيسية فى مناطق مختلفة مثل أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ والأمريكيتين والشرق الأوسط وإفريقيا.
ومن المتوقع أن يصل عدد السائحين الدوليين إلى 1.53 مليار، بما يمثل انتعاشا كبيرا مع نمو متوقع على أساس سنوى بنسبة 17.24 % من 975 مليون وافد فى عام 2023
الجدير بالذكر أنه بعد مواجهة التحديات الكبيرة فى عامى 2020 و2021، تستعد صناعة السياحة لتحقيق نمو كبير فى الإيرادات فى عام 2024
وكانت إيرادات السياحة العالمية سجلت انخفاضا كبيرا، بنسبة 50 % تقريبا فى فترة ذروة الوباء الذى أثر بشكل كبير على العديد من شركات السفر والمقاصد السياحية.
وبدأ التعافى بالفعل فى عام 2022، وفى 2023 كان تراوح معدل النمو بين 30 و35 %.
ومن حيث إيرادات السياحة، سجلت الولايات المتحدة اكثر من 190.39 مليار دولار تلتها الصين وكندا، بإيرادات تبلغ 154.02 مليار دولار و16 مليار دولار امريكى على التوالي.
وحققت اسبانيا رقما قياسيا فى السياحة فى سباق اللحاق بفرنسا، حيث اجتذبت عددا قياسيا من السياح العام الماضى، فى إطار تنافسها لسرقة لقب أفضل وجهة سياحية فى العالم.
وسجلت إسبانيا زيادة قدرها 13 مليون سائح فى عام 2023، ما رفع عدد زوارها الدوليين إلى مستوى جديد يزيد على 85 مليونا -أى ما يقرب من ضعف عدد سكانها- وفقا لتصنيف وكالة السياحة التابعة للأمم المتحدة.
كانت إسبانيا تفوقت على الولايات المتحدة لتصبح ثانى أكبر الدول السياحية فى العالم فى عام 2017، ومنذ ذلك الحين تسعى لسد الفجوة مع فرنسا.من جانبها، تروج الحكومة الفرنسية لمكانتها باعتبارها «الوجهة السياحية الرائدة فى العالم»، وارتفع عدد السياح إليها بنحو 7 ملايين إلى 100 مليون فى العام الماضى.
ويمثل الازدهار الذى تشهده إسبانيا دفعة اقتصادية للبلاد حيث تمثل السياحة ما بين 12 و13 % من الناتج المحلى الإجمالى، لكنه يمثل أيضا صداعا للحكومة لأنه يثير ردود فعل عكسية وشعورا بالاستياء بين بعض الإسبان.
وبحسب بابلو دياز لوكى، أستاذ الاقتصاد فى كلية الاقتصاد بجامعة هارفارد، فإن السياحة الشاطئية لا تزال عامل الجذب الرئيسى لإسبانيا، كما أن القلق بشأن الحرب فى الشرق الأوسط دفع المسافرين الذين كان من الممكن أن يسافروا إلى الدول التى ظهرت كمنافسين، مثل تركيا وتونس ومصر، وإلى إسبانيا.
ووفقا لجوردى هيريو، وزير السياحة والصناعة الإسبانى، فى عام 2023 بلغ حجم إنفاق السياح الأجانب فى البلاد نحو 108 مليارات يورو.
وتظل باريس نقطة جذب رئيسية، ويتوقع منظمو دورة الألعاب الأولمبية هذا الصيف فى المدينة أن يجذب الحدث 15 مليون سائح.
من الموضوعات المثيرة للجدل والمتعلقة بالسياحة هذه الأيام، مسألة الضرائب على السائحين، التى تأتى فى ظل ما يسمى بـ»السياحة المفرطة».
فالبندقية تستقبل حاليا نحو 30 مليون زائر سنويا، بمعدل 40 ألف زائر يوميا، وهى المدينة التى لا يتجاوز عدد سكانها 49 ألف نسمة، فالتآكل المدمر للسياحة المفرطة كاد يضعها على قائمة اليونسكو للتراث المعرض للخطر. ومن ثم، قام عمدة المدينة باقتراح نظام التذاكر المثير للجدل، حيث يفرض على الزائرين اليوميين رسوم دخول بقيمة 5 يورو فى أوقات الذروة والمواسم. وعلى الرغم من أنه من المرجح أن تفوق تكلفة التنفيذ، أى مكاسب مالية لكنها تجربة فى تنظيم الحشود.
بالإضافة إلى غرامة تصل إلى 300 يورو على السائح، لم يرحب السكان المحليون بالسياسة الجديدة، حيث أضافت إجراءات أخرى من البيروقراطية المربكة والعمل الشاق المتمثل فى ممارسة الحياة العادية خلال موسم الذروة.
وأمستردام مثال آخر، وهى مدينة أخرى من مدن العصور الوسطى، تستقبل ما يصل إلى 20 مليون زائر سنويا. وتم فرض ضريبة على السائحين منذ عام 2020، وهى 3 يورو إضافية فى الليلة للإقامة بالإضافة إلى رسوم تبلغ 12.5 % لكل غرفة -10 فى المائة لليلة الواحدة التابعة لتطبيق ايربنب. حاليا، تتطلع أمستردام إلى إدارة التدفق اليومى بشكل أكبر من خلال فرض رسوم على ركاب الرحلات البحرية اليومية بقيمة 14 يورو يوميا، مقارنة برسوم 8 يورو سابقا.