مقالات

مافيا تجارة المواسم

4-9-2024 | 16:23

بقلم: ايمان عراقي - رئيس التحرير

إلى‭ ‬متى‭ ‬سيظل‭ ‬المواطن‭ ‬فريسة‭ ‬لمافيا‭ ‬استغلال‭ ‬“المواسم”‭ ‬من‭ ‬التجار،‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عشوائية‭ ‬السوق‭ ‬وتراخى‭ ‬بعض‭ ‬الأجهزة‭ ‬المعنية‭ ‬عن‭ ‬القيام‭ ‬بدورها‭ ‬لضبط‭ ‬الأسواق‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الارتفاع‭ ‬الجنونى‭ ‬للأسعار؟‭!‬

المتابع‭ ‬لحركة‭ ‬السوق‭ ‬يرصد‭ ‬أن‭ ‬التجار‭ ‬إمعانا‭ ‬فى‭ ‬قهر‭ ‬المواطنين‭ ‬قسموا‭ ‬شهور‭ ‬السنة‭ ‬لمواسم،‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬موسم‭ ‬رمضان‭ ‬وهو‭ ‬الأشهر،‭ ‬وما‭ ‬يصحبه‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬الغذائية‭ ‬بشكل‭ ‬جنونى‭ ‬وأسعار‭ ‬كل‭ ‬السلع‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬حتى‭ ‬الفوانيس‭ ‬المحلية‭ ‬الصنع‭ ‬وغيرها،‭ ‬وعندما‭ ‬يعترض‭ ‬المستهلك‭ ‬أو‭ ‬يسال‭ ‬عن‭ ‬السبب‭ ‬يُقال‭ ‬له‭: ‬“ده‭ ‬موسم‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬للسنة‭ ‬والناس‭ ‬بتسترزق”‭ .‬

ينتهى‭ ‬رمضان‭ ‬ويأتى‭ ‬العيد‭ ‬الصغير،‭ ‬وعندما‭ ‬يسأل‭ ‬المواطن‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬كعك‭ ‬العيد‭ ‬أو‭ ‬زيادة‭ ‬أسعار‭ ‬الملابس‭ ‬بصورة‭ ‬مبالغ‭ ‬فيها‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬سوى‭ ‬الإجابة‭ ‬نفسها‭: ‬“موسم‭ ‬والناس‭ ‬بتسترزق”‭.‬

مرورا‭ ‬بالعيد‭ ‬الكبير،‭ ‬أسعار‭ ‬اللحوم‭ ‬تتضاعف‭ ‬والأضاحى‭ ‬حدث‭ ‬ولا‭ ‬حرج‭ ... ‬و‭... ‬و‭... ‬

ثم‭ ‬يأتى‭ ‬موسم‭ ‬الصيف‭ ‬والمصايف‭.. ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬والاستفزاز‭ ‬فى‭ ‬الأسعار‭ ‬التى‭ ‬تفوق‭ ‬حد‭ ‬الجنون،‭ ‬وكم‭ ‬الغش‭ ‬التجارى‭ ‬فى‭ ‬السلع‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬المعدنية‭ ‬التى‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬معدنية‭ ‬ولا‭ ‬غيرها‭ ‬فشركات‭ ‬وهمية‭ ‬عبأت‭ ‬مياه‭ ‬الحنفيات‭ ‬فى‭ ‬زجاجات‭ ‬“مضروبة”‭ ‬وتبيع‭ ‬للناس؛‭ ‬“ما‭ ‬هو‭ ‬موسم‭ ‬والناس‭ ‬بتشترى‭ ‬دون‭ ‬تمييز”‭.‬‮ ‬

مصانع‭ ‬“بير‭ ‬السلم”‭ ‬تحقق‭ ‬مكاسب‭ ‬طائلة،‭ ‬وكان‭ ‬لها‭ ‬النصيب‭ ‬الأكبر‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬تام‭ ‬للرقابة‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬الجودة‭ ‬أو‭ ‬الأسعار،‭ ‬والنتيجة‭ ‬أمراض‭ ‬وكوارث‭ ‬صحية‭ ‬لا‭ ‬يعلمها‭ ‬إلا‭ ‬الله‭ ‬وكله‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬“موسم‭ ‬والناس‭ ‬بتسترزق”‭. ‬

وتزامنا‭ ‬مع‭ ‬موسم‭ ‬المصايف‭ ‬يأتى‭ ‬المولد‭ ‬النبوى‭ ‬الشريف‭ ‬وارتباطه‭ ‬لدينا‭ ‬بالحلوى‭ ‬منذ‭ ‬قرون،‭ ‬أيضا‭ ‬هناك‭ ‬حالة‭ ‬استغلال‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬وأمامك‭ ‬أيها‭ ‬المواطن‭ ‬خياران‭ ‬لا‭ ‬ثالث‭ ‬لهما،‭ ‬إما‭ ‬حلوى‭ ‬مصانع‭ ‬“بير‭ ‬السلم”‭ ‬التى‭ ‬تعرض‭ ‬بأسعار‭ ‬معقولة‭ ‬نسبيا،‭ ‬وإما‭ ‬قرض‭ ‬بنكى‭ ‬حتى‭ ‬ترحم‭ ‬صحتك‭ ‬وتشترى‭ ‬من‭ ‬محلات‭ ‬معروفة‭ ‬وماركات‭ ‬شهيرة،‭ ‬ونصيحتى‭ ‬أن‭ ‬نستغنى‭ ‬عنها‭ ‬أو‭ ‬نكتفى‭ ‬بكميات‭ ‬بسيطة‭ ‬للأولاد‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نفقدهم‭ ‬بهجة‭ ‬الاحتفال،‭ ‬أما‭ ‬الأب‭ ‬والأم‭ ‬فلا‭ ‬داعى‭ ‬لتناول‭ ‬الحلوى‭ ‬بحجة‭ ‬“السكر‭ ‬الكثير‭ ‬يضر‭ ‬الصحة”‭.‬

ثم‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬قدس‭ ‬الأقداس‭ ‬أو‭ ‬موسم‭ ‬“ذبح‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور”‭ ‬الموسم‭ ‬المدرسى‭ ‬وما‭ ‬يتبعه‭ ‬من‭ ‬قائمة‭ ‬طلبات‭ ‬بدايتها‭ ‬مأساة‭ ‬المصروفات‭ ‬المدرسية‭ ‬التى‭ ‬تزيد‭ ‬سنويا‭ ‬وأحيانا‭ ‬مرتين‭ ‬فى‭ ‬السنة،‭ ‬وهذا‭ ‬متروك‭ ‬لأهواء‭ ‬أصحاب‭ ‬المدارس،‭ ‬مرورا‭ ‬بشراء‭ ‬الزى‭ ‬المدرسى‭ ‬الصيفى‭ ‬والشتوى‭ ‬والألعاب،‭ ‬وصولا‭ ‬لكارثة‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ”السبليز”‭.. ‬طلبات‭ ‬مبالغ‭ ‬فيها‭ ‬بأسعار‭ ‬خرافية،‭ ‬حالة‭ ‬استغلال‭ ‬مزدوجة‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬والتجار،‭ ‬والآباء‭ ‬الضحية‭.. ‬طوابير‭ ‬فى‭ ‬المكتبات‭ ‬وتزاحم‭ ‬ومشاحنات‭ ‬على‭ ‬الشراء‭ ‬وطبعا‭ ‬فرصة‭ ‬لـ”ضرب”‭ ‬منتجات‭ ‬وبيع‭ ‬بأسعار‭ ‬خيالية‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬المواطنون‭ ‬يقبلون‭ ‬على‭ ‬الشراء‭ ‬“ما‭ ‬هو‭ ‬موسم‭ ‬والكل‭ ‬لازم‭ ‬يسترزق”‭.‬

الكارثة‭ ‬الكبرى‭ ‬فى‭ ‬الموضوع‭ ‬التى‭ ‬جعلت‭ ‬تجارة‭ ‬المواسم‭ ‬تنتعش،‭ ‬هى‭ ‬ثقافة‭ ‬المصريين‭ ‬الاستهلاكية،‭ ‬وزاد‭ ‬الأمور‭ ‬صعوبة‭ ‬وتعقيدا‭ ‬دخول‭ ‬قوى‭ ‬شرائية‭ ‬جديدة‭ ‬وكبيرة،‭ ‬وهم‭ ‬أشقاؤنا‭ ‬الوافدون‭ ‬الذين‭ ‬يشترون‭ ‬بأى‭ ‬سعر‭.‬‮ ‬

معادلة‭ ‬صعبة‭ ‬وسخيفة‭ ‬وحلقات‭ ‬متداخلة‭ ‬وحالة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬والعشوائية‭ ‬والاستغلال،‭ ‬وسالكل‭ ‬بيسترزق‭ ‬من‭ ‬دماء‭ ‬المواطن‭ ‬الغلبان‭!‬س‭.‬