بقلم: ايمان عراقي - رئيس التحرير
إلى متى سيظل المواطن فريسة لمافيا استغلال “المواسم” من التجار، فى ظل حالة من عشوائية السوق وتراخى بعض الأجهزة المعنية عن القيام بدورها لضبط الأسواق والحد من الارتفاع الجنونى للأسعار؟!
المتابع لحركة السوق يرصد أن التجار إمعانا فى قهر المواطنين قسموا شهور السنة لمواسم، بداية من موسم رمضان وهو الأشهر، وما يصحبه من رفع أسعار السلع الغذائية بشكل جنونى وأسعار كل السلع المرتبطة بالشهر الفضيل، حتى الفوانيس المحلية الصنع وغيرها، وعندما يعترض المستهلك أو يسال عن السبب يُقال له: “ده موسم من السنة للسنة والناس بتسترزق” .
ينتهى رمضان ويأتى العيد الصغير، وعندما يسأل المواطن عن سبب ارتفاع أسعار كعك العيد أو زيادة أسعار الملابس بصورة مبالغ فيها لا يجد سوى الإجابة نفسها: “موسم والناس بتسترزق”.
مرورا بالعيد الكبير، أسعار اللحوم تتضاعف والأضاحى حدث ولا حرج ... و... و...
ثم يأتى موسم الصيف والمصايف.. حالة من الفوضى والاستفزاز فى الأسعار التى تفوق حد الجنون، وكم الغش التجارى فى السلع بداية من المياه المعدنية التى لم تكن معدنية ولا غيرها فشركات وهمية عبأت مياه الحنفيات فى زجاجات “مضروبة” وتبيع للناس؛ “ما هو موسم والناس بتشترى دون تمييز”.
مصانع “بير السلم” تحقق مكاسب طائلة، وكان لها النصيب الأكبر فى ظل غياب تام للرقابة سواء على الجودة أو الأسعار، والنتيجة أمراض وكوارث صحية لا يعلمها إلا الله وكله تحت مظلة “موسم والناس بتسترزق”.
وتزامنا مع موسم المصايف يأتى المولد النبوى الشريف وارتباطه لدينا بالحلوى منذ قرون، أيضا هناك حالة استغلال غير عادية وأمامك أيها المواطن خياران لا ثالث لهما، إما حلوى مصانع “بير السلم” التى تعرض بأسعار معقولة نسبيا، وإما قرض بنكى حتى ترحم صحتك وتشترى من محلات معروفة وماركات شهيرة، ونصيحتى أن نستغنى عنها أو نكتفى بكميات بسيطة للأولاد حتى لا نفقدهم بهجة الاحتفال، أما الأب والأم فلا داعى لتناول الحلوى بحجة “السكر الكثير يضر الصحة”.
ثم نصل إلى قدس الأقداس أو موسم “ذبح أولياء الأمور” الموسم المدرسى وما يتبعه من قائمة طلبات بدايتها مأساة المصروفات المدرسية التى تزيد سنويا وأحيانا مرتين فى السنة، وهذا متروك لأهواء أصحاب المدارس، مرورا بشراء الزى المدرسى الصيفى والشتوى والألعاب، وصولا لكارثة ما يسمى بـ”السبليز”.. طلبات مبالغ فيها بأسعار خرافية، حالة استغلال مزدوجة من المدارس والتجار، والآباء الضحية.. طوابير فى المكتبات وتزاحم ومشاحنات على الشراء وطبعا فرصة لـ”ضرب” منتجات وبيع بأسعار خيالية ما دام المواطنون يقبلون على الشراء “ما هو موسم والكل لازم يسترزق”.
الكارثة الكبرى فى الموضوع التى جعلت تجارة المواسم تنتعش، هى ثقافة المصريين الاستهلاكية، وزاد الأمور صعوبة وتعقيدا دخول قوى شرائية جديدة وكبيرة، وهم أشقاؤنا الوافدون الذين يشترون بأى سعر.
معادلة صعبة وسخيفة وحلقات متداخلة وحالة من الفوضى والعشوائية والاستغلال، وسالكل بيسترزق من دماء المواطن الغلبان!س.